-A +A
عبدالله الاشعل
تواصل الحكومة الانقلابية العسكرية فى بورما سياسة اضطهاد الجالية الإسلامية فيها والتى تسمى الروهينجا، بل تفاقم الموقف بعدد من التطورات. أخطرها أن القيادات البوذية، طالبت علنا وفى مظاهرات كثيفة بإبعاد هذا الجزء الإسلامى من المجتمع البورماوي الذي عاش معهم لآلاف السنين. كذلك يشكو المطرودون وعددهم لا يقل عن ربع عدد المسلمين فى بورما المقدر بحوالى مليون نسمة، من المعاملة القاسية للدولة الوحيدة الإسلامية المجاورة وهى بنجلاديش، وهو أمر محزن لا علاقة له بفقر الموارد. أمام هذه الصور البشعة أصدر المجلس الدولي لحقوق الإنسان تقريرا عن بعثة لتقصي الحقائق أدان فيه نظام بورما، كما أدانته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى قرارها 55 فى دورتها الـ 66 ولا يزال البند على جدول أعمالها في هذه الدورة. كما أننا أثرنا الموضوع نفسه فى ورشة عمل المفوضية السامية لحقوق الإنسان فى الرباط الأسبوع الحالي.
وفي الحقيقة أن المملكة انشغلت بهذه القضية الإسلامية فى علاقاتها المتشعبة، وفى إطار منظمة التعاون الإسلامي، وكان أحدثها اللقاء الذى عقد فى إسطنبول فى الأسبوع الأول من أكتوبر بترتيب من الهيئة الإسلامية العالمية للمحامين المنبثقة من رابطة العالم الإسلامي والتى أتشرف بعضويتها. وفى هذا اللقاء الذي ضم ممثلي معظم المنظمات الإسلامية والدولية بما في ذلك هيئة علماء المسلمين، وممثلو الجالية الإسلامية فى بورما حيث اطلع الحاضرون على واقع المأساة من أفلام تسجيلية، وشهادات حية لذوي القتلى والمعتقلين وغيرهم. وكان واضحا أن تجدد محنة المسلمين فى بورما قد صادفت تطورات الإساءة لرسول الأمة. ومن المؤكد أن ضعف شوكة المسلمين بشكل عام سيؤدي إلى استضعافهم فى الدول التى يمثلون فيها أقلية. فبعد محنة الحادي عشر من سبتمبر، عرف العالم الإسلامي محنا أخرى تابعة لها نالت من التاريخ والموارد والشعوب، وعمت فتن الإرهاب والعدوان والاحتلال، واختلت موازين القوى بين الدول الإسلامية ذاتها، وانفتحت محرقة سورية التى تضر ضررا بالغا بالشعب والوطن السوري، والعالمين العربي والإسلامي. وقد صار واضحا أن ضعف وانشغال الدول الإسلامية يضعف مركزها الدولى، كما يغري بأقلياتها الإسلامية.